7 آب/أغسطس، 2014
البيت الأبيض
مكتب السكرتير الصحفي
واشنطن
7 آب/أغسطس، 2014
بيان من الرئيس
قاعة المآدب الرسمية
الساعة 9:30 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة
الرئيس: أسعدتم مساءً. سمحت اليوم ببدء عمليتين في العراق- غارات جوية موجّهة لحماية الموظفين الأميركيين، وجهود إنسانية للمساعدة في إنقاذ الآلاف من المدنيين العراقيين المحاصرين في الجبال بلا طعام ولا ماء، ويواجهون الموت المؤكد تقريبًا. اسمحوا لي بأن أشرح التدابير التي نحن بصدد اتخاذها، والأسباب الداعية لذلك.
أولا، لقد قلتُ في حزيران/يونيو– في الوقت الذي بدأ فيه التنظيم الإرهابي داعش (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام) يحقق تقدمًا في عموم مناطق العراق- إن الولايات المتحدة ستكون مستعدة للقيام بعمل عسكري موجّه في العراق إذا، وعندما، نقرر أن الوضع يتطلب ذلك. في الأيام الأخيرة، استمر هؤلاء الإرهابيون في التحرك في جميع أنحاء العراق، واقتربوا من مدينة اربيل، حيث يعمل دبلوماسيون ومدنيون أميركيون في قنصليتنا، وحيث يقدم العاملون في الجيش الأميركي المشورة للقوات العراقية.
ولوقف الزحف إلى اربيل، أعطيتُ التوجيهات إلى قواتنا المسلحة للقيام بضربات موجّهة ضد قوافل تنظيم داعش الإرهابي إذا تحركوا نحو المدينة. نحن عازمون على أن نظل متيقظين، وأن نتخذ الإجراءات اللازمة إذا قامت هذه القوى الإرهابية بتهديد موظفينا أو منشآتنا في أي مكان في العراق، بما في ذلك قنصليتنا في اربيل وسفارتنا في بغداد. كما أننا أيضًا سنقدم مساعدة عاجلة إلى الحكومة العراقية والقوات الكردية حتى يتمكنوا من خوض معارك أكثر فعالية ضد داعش (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام).
ثانيا، بناءً على طلب من الحكومة العراقية- بدأنا عمليات للمساعدة في إنقاذ المدنيين العراقيين العالقين في الجبال. وفيما يتحرك تنظيم داعش في أنحاء العراق، فقد شنّ حملة قاسية ضد العراقيين الأبرياء. وكان هؤلاء الإرهابيون بشكل خاص يتصرفون بوحشية وهمجية تجاه الأقليات الدينية، بما في ذلك المسيحيين والأيزيديين، وهي طائفة دينية صغيرة وعريقة. لقد نزح عدد لا يحصى من العراقيين. وتصف التقارير المرعبة التي تقشعرّ لها الأبدان مسلحي داعش وهم يعتقلون الأسر والعائلات، وينفذون عمليات إعدام جماعية، ويتخذون النساء الأيزيديات سبايا.
في الأيام القليلة الماضية، فرت النساء والرجال والأطفال الأيزيديون من منطقة سنجار للنجاة بحياتهم. والآلاف– ربما عشرات الآلاف- يختبئون الآن في أعلى الجبل، ولا يحملون على ظهورهم إلا القليل من الملابس. وليس لديهم طعام ولا ماء. هؤلاء الناس يتضورون جوعًا. والأطفال يموتون عطشًا. وفي الوقت نفسه، تدعو قوات داعش الموجودة أسفل الجبل إلى إبادة الشعب الأيزيدي بأكمله، الأمر الذي يشكّل إبادة جماعية. وبالتالي، فهذه الأسر والعائلات البريئة تواجه اختيارًا رهيبًا: إما الهبوط إلى سفح الجبل ومواجهة الموت المحتم، أو البقاء في أعلى الجبل والموت البطيء من العطش والجوع.
وقد سبق لي وأن قلت إن الولايات المتحدة لا يمكنها، ولا ينبغي عليها، التدخل في كل مرة تنشب فيها أزمة في العالم. وأود أن أكون واضحًا بشأن السبب الذي يدعونا إلى التصرف بل الى اتخاذ إجراء في الحال. فحينما نواجه وضعًا مثل الذي نواجهه على ذلك الجبل- بوجود أناس أبرياء يواجهون احتمال التعرض للعنف على نطاق مروع، وحينما نكون مفوضين بالمساعدة- في هذه الحالة طلب من الحكومة العراقية- وحينما تتوفر لدينا قدرات فريدة بالمساعدة على منع وقوع مجزرة، عندها أعتقد أنه ليس بوسع الولايات المتحدة الأميركية أن تغضّ الطّرف. وبإمكاننا أن نتصرف بحذر وبمسؤولية لتجنب احتمال حدوث إبادة جماعية. وهذا ما نحن بصدد القيام به على ذلك الجبل.
ولذلك، أمرت بشن ضربات جوية موجّهة إذا اقتضت الضرورة لمساعدة القوات في العراق وهي تقاتل لفك الحصار على جبل سنجار ولحماية المدنيين العالقين هناك. وقد بدأت الطائرات الأميركية بالفعل تلقي المساعدات الإنسانية من الجو بما في ذلك الطعام والماء لمساعدة الرجال والنساء والأطفال الذين استبد بهم اليأس على البقاء على قيد الحياة. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، صرخ أحد العراقيين يستنجد العالم قائلا: “هل من مغيث.” وها هي أميركا قادمة لنجدته. كما أننا نتشاور مع بلدان أخرى- ومع الأمم المتحدة- التي دعت إلى اتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة هذه الأزمة الإنسانية.
وأنا أعرف أن كثيرين منكم قلقون حيال القيام بعمل عسكري أميركي في العراق وحتى من ضربات جوية محدودة مثل تلك. وأنا أتفهم دواعي القلق هذه. وقد ترشحت لمنصب الرئيس، جزئيا، لإنهاء الحرب في العراق وإعادة قواتنا إلى أرض الوطن وهذا ما أنجزناه. وبصفتي القائد الأعلى للقوات المسلحة، فإنني لن أسمح بأن تستدرج الولايات المتحدة إلى خوض حرب أخرى في العراق. وهكذا، حتى في الوقت الذي ندعم فيه العراقيين وهم ينقلون المعركة إلى أولئك الإرهابيين، فإن القوات المقاتلة الأميركية لن تعود للحرب في العراق لأنه لا يوجد حل عسكري أميركي للأزمة الأعم في العراق. والحل الدائم الوحيد هو المصالحة بين الطوائف العراقية ووجود قوات أمن عراقية قوية.
لكن، بمقدورنا بل ينبغي علينا، مساندة القوات المعتدلة لتمكينها من تشييع الاستقرار في العراق. وحتى في الوقت الذي ننفذ هاتين المهمتين سنواصل اتباع استراتيجية أوسع تمكن العراقيين من التصدي لهذه الأزمة. وعلى القادة العراقيين أن يتوحدوا لتشكيل حكومة جديدة تمثل المصالح المشروعة لجميع شرائح الشعب العراقي، وقادرة على ردع التهديدات مثل تهديدات داعش. وقد اختار العراقيون رئيسًا جديدًا ورئيس برلمان وهم يسعون للتوصل إلى توافق بخصوص اختيار رئيس وزراء جديد. وهذا هو التقدم الذي ينبغي أن يستمر كي يتسنى إبطال مفعول الزخم الذي كسبه الإرهابيون الذين يصطادون على الانقسامات الحاصلة في العراق.
وحالما تتشكل حكومة جديدة في العراق، ستعمل الولايات المتحدة معها ومع البلدان الأخرى في المنطقة لتوفير مزيد من الدعم لتمكينها من التصدي لهذه الأزمة الإنسانية والتغلب على التحديات في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب. ليس لأي من الدول المجاورة للعراق مصلحة في هذه المعاناة الفظيعة أو في زعزعة استقراره.
وهكذا، سنتابع العمل مع أصدقائنا وحلفائنا لمساعدة اللاجئين على الحصول على المأوى والغذاء والماء التي هم في أمس الحاجة لها ولمساعدة العراق على دحر داعش. وسيتابع الفريق المكون من عدة مئات من المستشارين الذين أمرت بإيفادهم إلى العراق تقييم ما يمكننا القيام به من أمور إضافية لتدريب وتوجيه ودعم القوات العراقية في المستقبل. وعلى غرار تشاوري مع الكونغرس بشأن القرارات التي اتخذتها هذا اليوم سنواصل عمل ذلك أيضا في المستقبل.
إخواني الأميركيين، إن العالم يجابه تحديات كثيرة. ولئن لم تستطع أميركا في أي يوم من الأيام أن تصوّب كل باطل يرتكب، إلا أنها قد مكّنت العالم من أن يصبح مكانًا أكثر أمنًا ورخاءً. وإن قيادتنا ضرورية لضمان الأمن والرخاء العالميين، وهو ما سيعتمد عليه أبناؤنا وأحفادنا. ونحن نقوم بذلك متمسّكين بمنظومة من المبادئ الجوهرية. فنحن نفعل كل ما هو ضروري لحماية شعبنا. إننا ندعم حلفاءنا حينما يواجهون الخطر؛ ونحن نقود ائتلافات من الدول لنصرة الأعراف الدولية. كما أننا نجاهد لنبقى أمينين لقيمنا الجوهرية- الرغبة في العيش بحرية وكرامة أساسيتين- وهذا عرف مشترك بين بني البشر أينما كانوا. ولهذا السبب يتطلع الناس في جميع أنحاء العالم إلى الولايات المتحدة الأميركية لتقود. ولهذا السبب نحن نفعل ذلك.
إذن اسمحوا لي أن أختتم كلمتي بطمأنتكم على أنه ما من قرار أنظر فيه بجدّية أكثر من قرار استخدام القوة العسكرية. لقد تمكّنا خلال السنوات الماضية من إعادة الغالبية العظمى من جنودنا إلى أرض الوطن من العراق وأفغانستان. وكنت وما زلت حريصًا على مقاومة دعوات، واحدة بعد أخرى، للالتجاء إلى أبناء قواتنا المسلحة، لأن لدى أميركا أدوات أخرى في حوزتنا غير القوة العسكرية. نستطيع أيضًا أن نقود بقوة دبلوماسيتنا، واقتصادنا، ومثلنا العليا.
ولكن عندما تكون حياة المواطنين الأميركيين معرضة للخطر، فإننا سوف نتخذ الإجراءات اللازمة. فهذا هو واجبي بصفتي القائد العام للقوات المسلحة. وعندما تواجه الآلاف المؤلفة من المدنيين الأبرياء خطر الإبادة، وتتوفر لدينا القدرة على القيام بشيء حيال ذلك، فإننا سوف نتصرف. تلك هي مسؤوليتنا كأميركيين. وهذه هي السمة المميزة للقيادة الأميركية. وهذا ما نحن عليه.
ولهذا فإننا الليلة، نتوجه بالشكر لرجالنا ونسائنا في سلك القوات المسلحة-لا سيما الطيارين وأطقم الطائرات فوق العراق الذين يقومون بحماية إخواننا الأميركيين وإنقاذ حياة الكثير من الرجال والنساء والأطفال الذين لن يتسنى لهم مقابلتهم أبدًا. إنهم يجسدون القيادة الأميركية في أفضل صورها. وإننا كأمة، ينبغي علينا أن نفخر ونعتز بهم، وبالتزام بلدنا الدائم بدعم أمننا وكرامة إخواننا من بني البشر.
بارك الله في قواتنا المسلحة، وليبارك الله في الولايات المتحدة الأميركية.
النهاية الساعة 9:38 مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة.